المملكة العربية السعودية- رؤية استراتيجية نحو السلام والتنمية في الشرق الأوسط

المؤلف: عبدالرحمن الجديع09.07.2025
المملكة العربية السعودية- رؤية استراتيجية نحو السلام والتنمية في الشرق الأوسط

لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط بؤرة للصراعات والاضطرابات، حيث تداخلت التحالفات وتضاربت المصالح، مخلفة وراءها سجلاً حافلاً بعدم الاستقرار والتحديات المتعلقة بالتنمية والازدهار. هنا، على هذه الأرض التي ابتليت بالنزاعات والعنف وإراقة الدماء، حيث لا تكاد تخمد نار حتى تشتعل أخرى، تشتد الحاجة إلى صوت حكيم يعلو فوق هذا الضجيج الهائل والمدمر. وفي قلب هذه الديناميكية المعقدة، تظهر المملكة العربية السعودية كلاعب محوري يسعى، بخطوات ثابتة وراسخة، نحو صياغة مستقبل مشرق للمنطقة، وذلك وفقاً لرؤية واضحة المعالم تقودها قيادة رشيدة تدرك تمام الإدراك أن العنف لا يولد إلا المزيد من العنف، وأن الآلام تغذي الأحقاد، وأنه لا مفر من السلام والاعتراف بالحقوق المشروعة التي أقرتها الاتفاقيات الدولية، وذلك على أساس التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الدول والشعوب. تتجسد هذه الرؤية الطموحة في الجهود الحثيثة التي يبذلها القائد الملهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ الذي يقود مساراً دبلوماسياً حيوياً لإزالة أسباب التوترات والأزمات، وتقليل حجم النزاعات، بهدف دعم الاستقرار والتركيز على مسيرة التنمية المستدامة. هذه الخطوات الجبارة تعكس بجلاء الأهمية الجيوسياسية للمملكة ومكانتها المحورية، مما يجعلها مركز الثقل في حل القضايا الإقليمية المعقدة والشائكة. لقد أصبحت المملكة العربية السعودية الوجهة الرئيسية التي تتطلع إليها أنظار العالم قاطبة. وخير دليل على ذلك هو قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بجعل المملكة العربية السعودية أولى الدول التي يزورها في ولايتيه الرئاسيتين. هذا الأمر لا يضفي بعداً إضافياً على العلاقات الثنائية السعودية الأمريكية فحسب، بل يجسد في الوقت ذاته مكانة المملكة وثقلها السياسي على الصعيد الدولي. علاوة على ذلك، تتجلى الأهمية المتزايدة لدور المملكة العربية السعودية في العديد من المؤشرات الملموسة، بدءاً من إعلان رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا من العاصمة الرياض، وهذه علامة فارقة تدل على الزخم الكبير الذي يحظى به سمو ولي العهد في الساحة الدولية، بالإضافة إلى موافقة الولايات المتحدة وروسيا على أن تكون الرياض محطة لمباحثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، مما يشكل برهاناً إضافياً يجعل من الرياض بحق "عاصمة السلام". كما أن رؤية السعودية 2030 ترسم طريقاً واضحاً للمملكة للانتقال من الاعتماد الكلي على الموارد التقليدية إلى اقتصاد مزدهر قائم على المعرفة والابتكار، مع التركيز بشكل أساسي على الاستثمار الأمثل في رأس المال البشري والتقنيات المتطورة. وفي عالم يشهد تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة الوتيرة، تسعى المملكة العربية السعودية، من خلال هذه الرؤية الطموحة، إلى القيام بدور ريادي في تشكيل ملامح النظام العالمي الجديد، وذلك من خلال دعم الحوار البناء والتفاهم المتبادل، وتعزيز الاستقرار والرخاء، والمساهمة الفعالة في بناء عالم يسوده السلام والتعاون المثمر. من جهة أخرى، فإن الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، قد ضاق ذرعاً بالممارسات الوحشية والهمجية الإسرائيلية في قطاع غزة، وارتكاب المجازر والإبادة الجماعية، مما أثار غضب المجتمع الأوروبي والعواصم الأوروبية، الأمر الذي دفع بدوله نحو ممارسة ضغوطات سياسية ودبلوماسية قابلة للتصعيد في حال استمرار إسرائيل في القتل والإبادة، وتجاهل القرارات الشرعية الدولية. لقد أدت جهود المملكة العربية السعودية وحراكها الدبلوماسي المكثف إلى إعادة إحياء فكرة حل الدولتين، مما أدى إلى زيادة عدد الدول الأوروبية التي اعترفت بمبدأ حل الدولتين والاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية. وفي ظل الرواية الإسرائيلية المضللة التي تستهتر بالقانون الدولي والإنساني والقيم الإنسانية النبيلة، وتبرير عدوانها بأنه موجه ضد "الإرهاب"، تتضح بجلاء عدم مصداقية هذه الدولة الظالمة والوحشية، بينما تتجه أمريكا نحو مسار المفاوضات الجادة مع إيران، بغض النظر عن الرغبات والأهواء الإسرائيلية، وهي مفاوضات إذا تكللت بالنجاح ستكون لها انعكاسات إيجابية في الحد من حقبة طويلة من الصراعات والنزاعات في المنطقة. المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من نهجها الثابت والمتزن، تؤمن إيماناً راسخاً بأن بناء عالم أكثر استقراراً وازدهاراً يتطلب تعزيز الشراكات الاستراتيجية، ومد جسور التعاون مع مختلف الفاعلين الدوليين. لذلك، لم يقتصر دورها على حل النزاعات، وتخفيف حدة التوترات، بل امتد ليشمل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتبادل الخبرات في مجالات البحث العلمي والابتكار. وتتجلى هذه الجهود الملموسة عبر القمم المتتالية واستضافتها للعديد من المؤتمرات والمنتديات الدولية التي تجمع قادة الفكر وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التحديات المشتركة وصياغة الحلول المستدامة. هذا الانفتاح الكبير يعكس بوضوح رغبة المملكة في أن تكون جزءاً لا يتجزأ من منظومة التعاون الدولي، وأن تساهم بفاعلية في بناء مستقبل أفضل وغد مشرق للجميع.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة